"هآرتس"العلاقات الإسرائيلية - الأميركية قيد الاختبار

20 فبراير 2023 - 12:25
صوت فتح الإخباري:

بقلم: الون بنكاس
فرضت الولايات المتحدة "الفيتو" في مجلس الأمن ضد إدانة إسرائيل أو ضد مشاريع قرارات مناوئة لإسرائيل منذ العام 1972 نحو 53 مرة. هذه هي المظلة الدبلوماسية المهمة والأكثر حسما في العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
عدد تصويتات "الفيتو" الأكبر لصالح إسرائيل فرض في فترة أوباما. ولكن هذه هي الإدارة ذاتها التي امتنعت في كانون الأول 2016 عن فرض "الفيتو" ضد مشروع قرار يدين توسيع المستوطنات. إذا نظرنا إلى الرسم البياني للتصويتات الأميركية فإن ما يظهر ليس تلك المرة التي امتنع فيها أوباما، بل جميع المرات التي فرضت فيها الولايات المتحدة "الفيتو"، رغم أن القرارات توافقت مع سياستها في موضوع المستوطنات وكانت سياسة إسرائيل في "المناطق" تتساوق مع تصريحاتها وكانت تصاغ أحيانا حرفيا وفقا لتصريحاتها.
يتوقع أن ينعقد مجلس الأمن، اليوم، لمناقشة مشروع قرار لاتحاد الإمارات، يدين إسرائيل بسبب نشاطاتها في "المناطق"، وقرارها المصادقة على بناء آلاف الوحدات السكنية في تسع مستوطنات، حيث تدعو مسودة القرار إسرائيل إلى "أن توقف فورا وبصورة مطلقة أي نشاط استيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة...  بما في ذلك شرقي القدس، التي ليس لها أي مبرر قانوني وتشكل خرقا فظا للقانون الدولي".
أدانت الولايات المتحدة إسرائيل حتى قبل تقديم مشروع القرار. في بيان مشترك مع وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، أعلن وزير الخارجية الأميركي بأن "الولايات المتحدة تعارض بشدة الخطوات أحادية الجانب التي ستزيد فقط التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين". وبعد يوم، أضاف البيت الأبيض، إن خطوات إسرائيل "تقوض إمكانية حل الدولتين".
هذه ردود تم إعدادها مسبقا، وهي كليشيهات ليس لها أي فائدة أو أهمية. تناقض الولايات المتحدة سياستها في كل مرة عند نشر هذا الرد الفارغ. التصويت، اليوم، سيشكل اختبارا: تحاول الولايات المتحدة منع اتخاذ قرار، واستبداله بإدانة عامة وتصريحية، تضم إليها. إذا رفضت الإمارات والفلسطينيون فإن الولايات المتحدة ستضطر إلى أن تقرر إذا كانت ستستخدم "الفيتو" كالعادة أم أنها ستمتنع بصورة تناسب الانتقاد الذي أسمعه الرئيس الأميركي ووزير الخارجية الأميركي وبعض الأعضاء في الكونغرس.
بالنسبة للولايات المتحدة فإن إسرائيل تحولت إلى مصدر إزعاج دبلوماسي وسياسي. واندماج الانقلاب النظامي مع توسيع المستوطنات والتنصل التام من كل "عملية سياسية" سيجر الولايات المتحدة إلى تخصيص طاقة ورأس مال سياسي في الوقت الذي تشخص فيه عيونها نحو الحرب في أوكرانيا، والعداء مع الصين، والتحالفات في المحيط الهادئ. ورغم الشعارات حول "تحالف استراتيجي وشراكة قيمية عميقة" فإن الولايات المتحدة وإسرائيل توجدان في نقطة انعطافة في العلاقات بينهما. لن يكون التغيير فوريا ولكن الشرخ أصبح مفتوحا. المصالح المشتركة ذاتها في العقود الأخيرة تقف الآن أمام اختبار انتقادي في واشنطن. فقط في القدس يعيشون حالة إنكار وكأن العالم يسير كالعادة.
خلال السنين وجدت الولايات المتحدة طريقة للتوفيق بين سياستها ضد المستوطنات وفرض "الفيتو" في مجلس الأمن ضد السياسة ذاتها. أولا، ادعت الولايات المتحدة بأن الأمم المتحدة ليست المنتدى لمناقشة ذلك، وفي الأصل لن تنبت أي عملية سياسية منها. ثانيا، توجد في الأمم المتحدة أغلبية مناوئة لإسرائيل، والدعم لقرارات مناوئة لإسرائيل ليس جوهريا وموضوعيا، بل هو نتاج كتل سياسية في الأمم المتحدة. ثالثا، تشمل هذه القرارات على الأغلب موضوع القدس، وقد فسرت الولايات المتحدة الصيغ كنفي للعلاقة والحقوق الإسرائيلية في القدس.
الموضوع هو أن مشروع القرار هذا يأتي داخل فراغ سياسي مطلق في الوقت الذي تتناقض فيه بنية الائتلاف في إسرائيل والخطوط الرئيسة للحكومة بشكل مطلق مع مواقف وسياسة الولايات المتحدة. بدون صلة مع ما ستفعله الإدارة في التصويت الذي تم تحديده، اليوم، يطرح سؤال ما هي الخطوات الفعلية التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة للتعبير عن معارضتها وعدم الرضا عن إسرائيل؟
كما يبدو في جعبة السهام الأميركية توجد خيارات كثيرة تشكل انتقادا بدون تحطيم الأدوات. لا يمكن أن توافق الإدارة الأميركية على زيارة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في الأشهر القريبة القادمة. وهي تمنعه من أبهة التتويج و"عرض الأمور كأن كل شيء على ما يرام". يمكن أن توضح الولايات المتحدة بشكل علني بأنها ستواجه صعوبة في الدفاع عن إسرائيل في المحافل الدولية، وتقليص التعاون السياسي والتكنولوجي والاستخباري، وأيضا تأخير مسألة إلغاء التأشيرات للإسرائيليين. بالنسبة لإسرائيل لا يمكن ألا تطرح مسألة أساسية وهي لماذا هذه المغازلة، الاستخذاء للولايات المتحدة لفرض "الفيتو"؟ في نهاية المطاف هذه فرصة للحكومة لطرح موقفها بدون أي تحفظ. إذا كان "الشعب لا يحتل بلاده" وإذا كانت "الدولة الفلسطينية هي دولة فاشلة وخطيرة منذ لحظة إقامتها، وإذا كان للشعب اليهودي "الحق في كل ارض إسرائيل والمستوطنات ستقام" فلماذا التوسل للفيتو الأميركي؟ ليسافر نتنياهو إلى نيويورك ويلقي خطابا في الأمم المتحدة بتفاخر، ويوضح في مرة واحدة وأخيرة سياسته كما يتم التعبير عنها في الخطوط الرئيسة للحكومة، لم لا؟.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق