«معاريف»عن "الأغلبية" والاحتجاج

03 مارس 2023 - 11:31
صوت فتح الإخباري:

بقلم: العقيد احتياط غور ليش

كمواطن في دولة اسرائيل الديمقراطية كنت معظم حياتي الراشدة تحت حكومة وائتلاف لم يتطابقا مع موقفي السياسي. خدمت كطيار قتالي، كقائد سرب طيران، كقائد برتبة عقيد، كرئيس دائرة في هيئة الامن القومي على مدى سبع سنوات تحت حكومات نتنياهو، وأنا اتطوع لخدمة الاحتياط حتى هذا اليوم بعمر 57. كنت شريكا نشطا في المجتمع وفي الاقتصاد الاسرائيلي. دافعت عن الحزام الامني في جنوب لبنان حتى عندما لم اوافق على وجوده، دافعت عن المستوطنات حتى حين لم تكن تتطابق وآرائي، بل وساعدت في استعدادات جهاز الامن للضم كما أمر نتنياهو في العام 2020 رغم معارضتي للضم.
الاساس لاستعدادي لأن اكون مواطنا منتجا وان اشارك في حمل العبء الامني على مدى عشرات السنين كان حقيقة أن اسرائيل هي دولة يهودية وديمقراطية تحافظ على حقوق المواطن وعلى طابعها التأسيسي مثلما تقرر في وثيقة الاستقلال.
الاساس لاستعدادي لأن اقاتل ولأن اضرب غير مرة اهدافا في مناطق مكتظة كان الثقة بأن الجيش الاسرائيلي يعمل وفق القانون وفي ظل رقابة ملموسة.
رأيت بعيني كعضو في فريق اعد الرد على تقرير غولدستون، المكانة التي توجد في العالم لجهاز القضاء الاسرائيلي والدفاع الذي توفره هذه المكانة للمقاتلين. عرفت بذلك ان المسيرة الديمقراطية كفيلة بان تنتج سياسة مختلفة عني، والتهديدات من الخارج وتحديات الدولة وجهت خطاي اكثر من هوية رئيس الوزراء هذا او ذاك.
الان، حين يكون خطر على طابع الدولة الديمقراطي، فاني ملزم بان اعطي الحساب لي ولعائلتي. انا يهودي لكن ما كنت لاريد أن اعيش في دولة شريعة. معنى «الديمقراطية» من ناحيتي هي أن للمواطن حقوقا، وتوجد قيمة مساواة وعدالة حيال الحكم.
اؤمن بالديمقراطية وبالقيم الليبرالية ولست مستعدا لان اعيش في دولة ديمقراطية ولا حتى في دولة ديمقراطية زائفة مثل هنغاريا. في دولة لا يوجد فيها فصل بين السلطات، والحكم يحكم بلا توازنات وبلا كوابح ويفعل لاحتياجاته جهاز القضاء.
وعليه فاني اعارض التشريع الذي يلغي الفصل بين السلطات، يلحق جهاز القضاء بالائتلاف. وعليه فاني ارى بالرقابة القضائية قيمة حيوية للديمقراطية. كيهودي اؤمن بحقوق الانسان والمساواة، لا يمكنني أن اكون مواطنا منتجا في دولة غير ديمقراطية. لا اعارض التغييرات لكن المبادئ الاساس يجب أن تبقى من ناحيتي: اولا، لا لأغلبية تلقائية ومقررة للائتلاف ومبعوثيه في لجنة انتخاب القضاة – انتخاب القضاة هو اجراء مهني يستوجب اجماعا واسعا. يمكن تغيير تركيبة اللجنة لكن يستوجب هذا التوافق في اللجنة. ثانيا، لا لالغاء الرقابة القضائية بشكل جارف على التشريع باغلبية عادية.
يمكن تحديد سياق خاص واغلبية خاصة لتشريع القوانين الاساس لتكون محمية من الرقابة القضائية. ثالثا، لا للتغلب الجارف على قرارات محكمة العدل العليا باغلبية عادية. يمكن تحديد آلية للتغلب باغلبية خاصة وبتوافق واسع. رابعا، لا لاعطاء حصانة جارفة من الرقابة القضائية على قرارات الحكومة، الوزراء ومؤسسات الحكم. وبالتأكيد يمكن تحديد تحفظات وسياقات للرقابة على مثل هذه القرارات.
الاصلاح ليس تغيير السياسة، هو تغيير الاساسات الاولية. كل اصلاح يستوجب الحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات. يجب منع جمع قوة كبيرة في يد الحكم بحيث يتاح للسلطة القضائية ان تشكل التوازنات والكوابح للسلطتين الاخريين. اما الغاء مبدأ فصل السلطات وكون السلطة القضائية كابحا وموازنا، يتعارض والاساس الاولي التي اقيمت عليه الدولة ويغير من الاساس طابعها الديمقراطي. وعليه، فان الانقلاب النظامي يغير جوهر «عقد» ي مع الدولة، العقد الذي سمح لي أن اكون مواطنا مساهما ومتطوعا حتى لو لم يكن موقفي السياسي بالضرورة يوجد في الحكم.
يحتمل الا تكون الاغلبية في الكنيست ملزمة بان تراعي موقف المحتجين ضد الانقلاب النظامي. لكن دولة اسرائيل لا يمكنها أن توجد بدون «العقد» الذي يسمح لاغلبية مواطنيها ان يشعروا بأنهم شركاء وان يكونوا شركاء في الجهد لوجودها.
 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق