بقلم: بن كسبيت
بينما ننشغل بمخطط الرئيس، بالاحتجاج، بالانهيار المحتمل لمنظومة الاحتياط، فإن القصة الحقيقية تجري بين واشنطن والقدس.
يوم الجمعة كان هنا رئيس الأركان الأميركي، الجنرال مارك ميلي. لم يكن لقاء مع رئيس الوزراء نتنياهو، وحسب مصادر أميركية فإنه كان سيرفض لو عرض عليه لقاء كهذا.
التقى الجنرال ميلي وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي.
وحسب مصادر سياسية اطلعت على مضمون المحادثات، فإن الحديث يدور عن نصوص غير مسبوقة في علاقات إسرائيل – الولايات المتحدة، تتوافق مع البيان الحاد والمهين الذي أصدره الأميركيون ضد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعد أقواله بشأن قرية حوارة.
هذا ليس كل شيء: يوم الأربعاء سيصل إلى هنا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن. هذه المرة أيضا، حسب مصادر مطلعة على تفاصيل الزيارة، لا توجد نية لعقد لقاء بين أوستن ونتنياهو (هذا يمكن أن يتغير).
هذا، وغيره: في الاتصالات بين إسرائيل والولايات المتحدة أيضا أوضح أنه لا توجد أي نية لدعوة نتنياهو للزيارة التقليدية إلى واشنطن، والتي يتلقاها كل رئيس وزراء إسرائيلي بعد تشكيل حكومته. فالرئيس جو بايدن لا يريد أن يجتمع معه. مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي والوزير رون ديرمر يتواجدان الآن في الولايات المتحدة وهما أيضا يستقبلان ببرود ظاهر ويحظيان بلقاءات في مستوى متدن.
كل هذا هو مجرد المقدمة للرحلة المخطط لها من وزير المالية سموتريتش إلى مؤتمر البوندز قريباً.
وقال مؤخراً مصدر أميركي إن "موظف الإدارة الوحيد الذي سيراه هنا هو موظف الهجرة في المطار". ينبغي الأمل، كما أضاف المصدر الإسرائيلي، في أن يقر موظف الهجرة إياه لسموتريتش بالدخول.
الأميركيون، بمن فيهم أيضا رئيس الأركان في لقاءاته هنا، كانوا واضحين، فظين وحادين: "إذا كنتم تريدون مواصلة الحديث وتنسيق الاتصالات معنا في موضوع إيران والتطورات المهمة في هذا المجال، حان الوقت لأن تهدئوا المناطق. لن نوافق على أن نلعب لعبة مزدوجة. إذا كنتم تريدون الحديث عن إمكانية تزويد روسيا بطاريات S400 لإيران فإنه كما ذكر آنفا أيضا. الولايات المتحدة لن توافق على قبول سياسة إشعال نار في يهودا و السامرة والتصرف وكأن هذا لا يحصل.
عندما نبعث بمندوبين كبار إلى المؤتمر في العقبة وأنتم تبعثون برئيس هيئة الأمن القومي ورئيس الشاباك وضابط برتبة لواء، وفي الغداة تقولون "ما حصل في العقبة يبقى في العقبة"، فعندها لا يوجد لنا حديث معكم وأنتم مدعوون لأن تتحدثوا مع أنفسكم. إذا كنتم تحتاجون الولايات المتحدة الأميركية، فتصرفوا كأنكم تحتاجونها. لن نوافق على أن يتفق معكم على أمور في العقبة وفي الليلة نفسها تحرقون حوارة وبعد ذلك يقول وزير ماليتكم إنه يجب محو القرية".
هذه الأمور، التي نقلت لإسرائيل في قنوات عديدة وليس فقط في لقاء رئيس الأركان الأميركي تكاد تكون غير مسبوقة. وهي تذكر جداً بلحظات الدرك الأسفل الكبرى من عهد أوباما عندما فاجأ نتنياهو الرئيس ووصل للخطاب في الكونغرس من خلف ظهره. لكن يوجد فارق واحد: "حتى في اللحظات الأصعب"، قال لـ "معاريف" أمس مصدر مطلع على الاتصالات بين الطرفين، "كانت المستويات المهنية دوما، بشكل عام بين الجيش الإسرائيلي والجيش الأميركي، تعرف كيف تحافظ على اتصالات مستقرة وتعاون وثيق رغم كل شيء.
الأزمات السياسية لم تمنع في أي مرة التعاون العسكري والاستخباري ومحاور العمل. أما الآن فهذا يختلف. نحن نسمع من مستويات أميركية أمنية تقززاً واضحاً".
وحسب بضع روايات فإن التعاون الاستخباري بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وأجهزة الاستخبارات الغربية يبدأ بالاهتزاز.
لم أجد تأكيدات رسمية على هذا، لكن هذا قائم. "الاستخبارات هي موضوع حساس"، قال لي مصدر استخباري كبير سابق. "فكر بالبريطانيين، الأميركيين أو الألمان حين يفهمون أن مواضيع استخبارية حساسة تصل إلى الكابينيت وهناك يجلس أناس مثل بن غفير وسموتريتش. هذا لا يشجع التعاون".
"ما يحصل يتسبب لنا بأن ننشغل بسلوان بدلاً من طهران"، قال لـ "معاريف" مصدر إسرائيلي ضالع في الأوضاع. "إيران باتت على مسافة لمسة من قدرة التخصيب للنووي العسكري. الروس قد يدخلونها إلى مجال الحصانة قريباً، ونحن نفقد بالتوازي أميركا. هذا ليس أقل من جنون العقل.
لكل هذا يمكن أن تضاف له أزمة أخرى في العلاقات مع الأردن، في أعقاب بيانات بن غفير وسموتريتش في أثناء مؤتمر العقبة. "إذا كنتم تريدون أن تأتوا إلى المؤتمر، فتعالوا.
إذا كنتم لا تريدون، فلا تأتوا"، قال مؤخراً مصدر أردني كبير. "لكن أن تأتوا بيد وأن تشهروا باليد الأخرى، فهذا غير مقبول".
الأردن هو ذخر استراتيجي عزيز في الواقع لإسرائيل في عصر يدور فيه الحديث مرة أخرى عن هجوم في إيران وفيه ينفذ سلاح الجو نشاطاً هجومياً متواصلاً، حسب منشورات أجنبية، في مجالات جوية مختلفة في المنطقة.
بقدر ما هو معروف، سمع بن غفير وسموتريتش تحذيرات حازمة من مسؤولين أمنيين كبار في موضوع سلوكهما، عن حقيقة أنهما يعرضان للخطر التحالف الاستراتيجي مع الولايات المتحدة، عن أنهما يمسان بمصالح أمنية عليا في انهما يسخنان المناطق عشية رمضان، وما شابه. فهل استوعبا؟ هل سيتغير شيء قريباً؟ لا يمكن أن نعرف. الكل ينتظر مخطط الرئيس.