"هآرتس"الأزمـة جـدّيـة وعـمـيـقـة فـي سـلاح الـجـو

08 مارس 2023 - 12:54
صوت فتح الإخباري:

بقلم: عاموس هرئيل
كل يوم يأتي برسالة جديدة. أمس كان­ هؤلاء هم القادة العشرة السابقون في سلاح الجو الذين ما زالوا على قيد الحياة، ووقّعوا على رسالة مستعجلة لرئيس الحكومة ووزير الدفاع. الجنرالات العشرة المتقاعدون، من دان تولكوفسكي (1953 - 1958) وحتى عميكام نوركن (2017 - 2022)، يحذرون بنيامين نتنياهو ويوآف غالنت بأنه نتيجة للأزمة السياسية والقانونية يمكن أن يتطور "خطر شديد وملموس على الأمن القومي لدولة إسرائيل". وقد طالبوا نتنياهو بـ"بالتوقف، والعثور على حل".
في الخلفية يشارك المئات من الطيارين في الاحتياط، معظمهم ما زالوا في الخدمة النشطة، في مبادرات الاحتجاج المختلفة على خلفية الانقلاب النظامي الذي تقوده الحكومة. الانعطافة الأكثر أهمية هي القضية التي كتب عنها في "هآرتس"، أول من أمس، وهي بيان معظم رجال الاحتياط في سرب 69 بأنهم لن يمتثلوا للخدمة، كخطوة تحذيرية رمزية، في يوم الاحتياط في السرب غداً (اليوم الأربعاء).
بشكل استثنائي، يشكل قادة الاحتجاج في سلاح الجو بالأساس عوامل ضابطة، في محاولة للسيطرة على النشاطات وتنظيمها. إلى حد كبير مبادرة أعضاء سرب 69، وهو سرب طائرات "راعم" (إف 15 آي) كانت استثنائية لأنه انطلق دون تنسيق مركزي. الآن تبذل جهود كبيرة يشارك فيها أيضاً رجال في الاحتياط وقيادة سلاح الجو لمنع سيل من الخطوات المشابهة في أسراب أخرى.
من هنا أيضاً الرسالة الاستثنائية لقادة السلاح السابقين، رئيس الأركان هرتسي هليفي سيلتقي في الأيام القريبة القادمة مع منتديات تضم ممثلين عن الطيارين، وبعد ذلك مع قادة احتياط آخرين في الجيش الإسرائيلي. مثل قائد سلاح الجو الحالي، الجنرال تومر بار، لا توجد أي حاجة لإقناع هليفي بخطورة الوضع الذي وصل إليه الجيش وسلاح الجو.
رداً على الخطوة الاستثنائية لأعضاء سرب 69 التي رافقها تردد وألم نفسي حقيقي فقد تم إطلاق سيل من الشتائم والإهانات ضدهم في الساحة السياسية ووسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية. من يتصفح حسابات "تويتر" بالعبرية في هذا الأسبوع يشعر كأنه يغوص في نهر من التلوث والغباء. ولي العهد من شارع بلفور كان أول من قام بإملاء النغمة في تغريدة تقول: إن عقوبة رفض الخدمة في الاحتياط هي السجن.
كالعادة الأبواق واصلت مهمتها وحتى زادت من عملها. الوزيرة في الحكومة، التي نواصل دفع راتبها، أوضحت أن الطيارين هم "سقط متاع". أحد المذيعين سمّاهم "صديد" وطلب منهم "طيروا من هنا". شخص آخر في الإعلام أوضح أن رئيس الأركان هليفي هو "يسار كامل... يا للعار". وكان هناك أيضاً عباقرة ودجالون آخرون لديهم اقتراحات تبسيطية رائعة. أحدهم أوضح أن "هناك احتمالية كبيرة لأن تتغير طبيعة عملية الاختيار لسلاح الجو"، لأن الدولة "لا يمكنها تحمّل الطيارين الذين يكون ولاؤهم للجيش الإسرائيلي مشروطاً". وزميل له أضاف: إن النتيجة هي أنه يجب "فتح دورة طيران ووحدة 8200 للضواحي"، وكأن الجيش لم يفعل ذلك منذ سنوات. هذه أسابيع مجنونة، لكن يبدو أنه في كل مرة نقدر فيها أننا وصلنا إلى الحضيض وإلى قعر البرميل، يسمع المزيد من الضربات في الأسفل.
أحد الذين وقّعوا على رسالة قادة السلاح قال، أمس، للصحيفة: إن "النقاش ليس بين تومر بار والطيارين في الاحتياط، بل بينهم وبين قيادة الدولة. تومر كتب لهم أنه يتوقع منهم مواصلة الطيران، وبعد يوم ونصف اليوم كان الحدث في السرب 69. كل هذه القصة تذهب إلى مكان سيئ جداً. إذا لم يتم وقف التشريع في القريب والأزمة استمرت، فإن السلاح يمكن أن يواجه مئات الطيارين في الاحتياط الذين سيتخذون الخطوة نفسها. هذا ليس هل، بل متى".
وحسب قول المصدر السابق نفسه، فإن "كل الإهانات والشتائم التي يتعرض لها الطيارون بدأت تصبح شخصية. أشخاص يشعلون الحرائق وليست عندهم مسؤولية، يتطاولون على جمهور إسهامه في الدولة عظيم. نحن كتبنا رسالة القادة من خلال القلق العميق على السلاح وعلى الدولة. ونتيجة الأزمة يمكن أن يكون المس الشديد بالسلاح، الذي أهليته العملية تتعلق بدرجة كبيرة برجال مخضرمين في الاحتياط. الضرر بعيد المدى سيحتاج إلى سنوات من أجل إصلاحه. أنا لا أصدق أنني أتحدث بهذه المصطلحات التي لم تكن تخطر ببالي قبل أشهر، لكن لا توجد أي مشكلة في أن نصل بهذه الطريقة إلى تفكيك سلاح الجو".     

جيش إسرائيل الثاني
مؤخراً، يتم إجراء اتصالات كثيفة بين الحكومة والمعارضة في محاولة للبدء في حوارات حول التشريع. الوسيط الأساسي هو رئيس الدولة إسحق هرتسوغ، لكن يبدو أن نقطة الانطلاق التي اقترحها هرتسوغ في الشهر الماضي في إطار خطته بعيدة جداً عن طلبات العتبة للمعارضة ولحركة الاحتجاج.
الأزمة الحالية بدأت ببذل الجهود من أجل خصي جهاز القضاء على خلفية التورط الجنائي لنتنياهو. لكن ساحة المعركة انتقلت إلى المجتمع الإسرائيلي، وكالعادة الجيش الإسرائيلي هو ساحة اللعب المفضلة. الردود العاصفة من قبل اليمين تدل ليس فقط على الخوف من أن الحكومة ستجد صعوبة في الدفع قدماً بالانقلاب، بل الرغبة في إخضاع المعسكر الآخر الذي يعتبر عدواً، رغم أنه في صفوفه الأولى يقف من يدافعون عن الدولة. بعض أعضاء الليكود يتحدثون بمفاهيم الحرب الحاسمة أمام النخبة القديمة، التي يجب أن تنتهي الآن بالانتصار.
يبدو أن من يستطيع وقف هذا الهياج، حسب كتاب الرسالة، هو نتنياهو نفسه. لكن بعد أحداث الأسابيع الأخيرة، فإنه من غير الواضح إذا كان يريد أو يستطيع فعل ذلك. رئيس الحكومة دخل أكثر من مرة في السابق إلى أزمات أمنية وسياسية دون إستراتيجية خروج بديلة حقيقية. نتنياهو اعتمد على الأغلب على قدرته البلاغية وعلى خطوات تكتيكية مختلفة، التي ستخرجه من الورطة. هذه المرة، في الأزمة التي أصبحت تظهر كأكبر الأزمات التي شهدتها الدولة، مشكوك فيه إذا كانت لديه حلول للوضع الذي أوصل الدولة إليه.
الظروف التي اختار فيها نتنياهو أن يعطي، أمس، تصريحات لوسائل الإعلام فحصت بعناية. هذه صورة تم إخراجها من أجل أن يمثل كما يبدو الجيش الإسرائيلي الثاني، كصورة معاكسة تماماً لجيش الطيارين، الذي يوصف من يؤيدونه بأنهم نخبة متعالية. وقد ظهر بجانب الوزير إيتمار بن غفير، الذي لم يخدم في الجيش حتى دقيقة واحدة، وخلفهما جنود ومجندات من حرس الحدود. عندما يأتون لوصف موعد الأزمة فإن هذه الصورة ستحتل مكاناً مهماً، قريباً من المؤتمر الصحافي لنتنياهو في اليوم الذي بدأت فيه محاكمته، حيث حوله كان كبار رؤساء الليكود وهم يضعون كمامات "كورونا".
في بعض خطاباته الأخيرة، فإن نتنياهو استل مرة أخرى ورقة التهديد الإيراني. وما نسي أن يذكره هو أنه دون طياري إف 15 في الاحتياط، فإنه لا يمكنه مهاجمة المنشآت النووية. (في هذه الأثناء لا توجد حتى خطة عملياتية، لكن هذا الأمر لنقاش آخر). ما نشاهده في الخارج، في أوساط رجال الاحتياط ومسرحي "الشاباك" الشركاء في الاحتجاج، هو فقط طرف جبل الجليد للأجواء العاصفة في أجهزة الأمن.
قائد سابق لإحدى وحدات النخبة في جهاز الاستخبارات أحسن وصف ذلك، عندما قال: "إذا قام نتنياهو بتحليل الوضع، فسيفهم أنه لا يوجد لرئيس الأركان ورؤساء الشاباك والموساد أي خيار. إذا اشتدت الأزمة القانونية فسيكون المطلوب منهم هو الوقوف إلى جانب المحكمة العليا في مواجهتها مع الحكومة. وإلا فإن جوهر جودة مؤسساتهم سيستمر في التفكك بشكل سريع. في حين أنهم هم والذين بقوا معهم سيكونون مكشوفين أكثر من أي وقت آخر أمام المحكمة في لاهاي".
 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق