بقلم: يوآف ليمور
اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين إيران والسعودية، بعد نحو سبع سنوات من القطيعة، هو بشرى سيئة من كل الجوانب: فهو يعزز إيران، ويضعف المحور المضاد، ويعظم النفوذ الإقليمي للصين في المنطقة على حساب الولايات المتحدة، ويبعد احتمال التطبيع بين إسرائيل والسعودية.
بالنسبة للإيرانيين، يُعد هذا إنجازا مهما، يكاد يحل طوق الخناق الإقليمي الذي تطلعت إسرائيل لتلفه على رقابهم. كما أنه ينقل لهم رسالة بأن بإمكانهم أن يواصلوا سياسة الإرهاب التي يتبعونها، من الداخل ضد الاحتجاجات والمعارضة، ومن الخارج من خلال وكلائهم وبتوريد المسيرات للحرب الروسية في أوكرانيا، دون أن يدفعوا ثمنا على ذلك. هذه رسائل خطيرة، من شأنها أن تزيد جدا ثقة نظام آيات الله بنفسه، وبالتأكيد حين يكون ثمة تخوف متعاظم من أن تقرر إيران الاندفاع نحو القنبلة في الزمن القريب القادم.
علق السعوديون في هذا الاتفاق نتيجة للأزمة المتواصلة في علاقاتهم مع واشنطن. ما بدأ في أيلول 2019، بغياب دفاع أميركي ضد هجمة المسيرات الإيرانية على منشآت شركة النفط الوطنية السعودية "أرامكو" تطور إلى أزمة ثقة عميقة بين الدولتين، ودفع السعوديين لأن يبحثوا عن الدفاع (أو عن بوليصة تأمين) في مواقع أخرى اعتبرت حتى الآن معادية من ناحيتهم.
لا يعني هذا أن السعودية وإيران ستكونان من الآن فصاعدا في حالة انسجام، فالخصام بين السنُة والشيعة سيبقى كما كان، لكن الرياض تقلل جدا التهديد عليها – على الأقل في المدى المنظور – ونتيجة لذلك أيضا سيتاح لها تحقيق إنجازات ثانوية، مثل تمديد وقف النار في اليمن.
رابحة فرعية أخرى هي الصين، التي كانت عرابة الاتفاق وستتمتع الآن بموطئ قدم متزايد في المنطقة، على حساب الأميركيين. المصالح الصينية هي اقتصادية في معظمها، لكن الصراع المتزايد بين بكين وواشنطن سيبدو ملموسا الآن بقوة اكبر في الشرق الأوسط أيضا، وهذه بشرى سيئة للمحافل المعتدلة، وعلى رأسها إسرائيل، التي تعد القوة الأميركية مدماكا مركزيا في استقرارها وأمنها.
تتضرر المصالح الاقتصادية في سياقين فوريين إضافيين: الأول – إمكانية رفع مستوى العلاقات مع السعودية وتحويلها إلى تطبيع كامل. الثاني – النية لإقامة منظومة دفاع إقليمية تشكل وزنا ضد طهران. صحيح أن السعودية لم تختر الجانب الإيراني لكنها تبتعد الآن عن الجانب الإسرائيلي – الأميركي ومن المعقول أن تحاول المناورة بين الطرفين، ورفع مكاسب كليهما إلى الحد الأقصى.
كانت الاتصالات بين طهران والرياض معروفة لإسرائيل، لكن من الجدير التساؤل ما الذي فُعل لأجل وقفها. صحيح أن حكومة إسرائيل تصرخ "إيران" بصوت عال، لكن نتائج أفعالها على الأرض هزيلة جدا. العالم الغربي يصعب عليه التعاون مع حكومة تعد مخربة للديمقراطية، وينظر إلى الشرخ الإسرائيلي الداخلي بخليط من الخوف والذهول. وقد وجد هذا تعبيره في زيارة وزير الدفاع الأميركي، الأسبوع الماضي، الذي سمع القيادة الإسرائيلية تتحدث عن إيران، وأجاب بالديمقراطية والقضاء.
لا تغيب الفوضى السياسية في إسرائيل عن عيون الإيرانيين ووكلائهم، ما يزيد التخوف من سوء تقدير سيدفع أيا منهم لمحاولة القيام بعمل عسكري. ينبغي لهذا أن يقلق أولا وقبل كل شيء حكومة إسرائيل، لكن أيضا كل مواطن في الدولة، لأن أجهزة الأمن تضطر لأن تنشغل هي أيضا بآثار الثورة القضائية، ما يحرف بعضا من انتباهها عن احتياجات الأمن.
كانت بؤرة الاهتمام في الآونة الأخيرة هي سلاح الجو، على خلفية تنحية الاحتياط العقيد جلعاد بيلد وإعادته إلى الخدمة، بدعوى أنه نسق أعمال الرفض لرجال الاحتياط في سلاح الجو وأعيد بذريعة أن الادعاءات ضده تبينت غير مسنودة. تصرف قائد سلاح الجو، تومر بار، على نحو سليم حين عطل أناه واعترف بالخطأ، لكن الأمل هو أنه في أمور أخرى – اكثر حرجا لأمن الدولة، يفحص سلاح الجو على نحو اكثر دقة قبل أن يتخذ القرارات.
لكن إعادة بيلد إلى الخدمة بعيدة عن تهدئة الخواطر. إذا ما أجيز التشريع بصيغته المقترحة فستكون هناك استقالة بالجملة للطيارين واستقالات موازية في أجهزة أخرى في الجيش واذرع الأمن الأخرى. وعندما تكون شرطة إسرائيل أيضا توجد في دوامة على خلفية أعمال الوزير المسؤول عنها غير المسؤول فإن أمن إسرائيل من شأنه أن يكون في خطر غير مسبوق، وهذه المرة ليس من عدو خارجي، بل من الداخل.
عن "إسرائيل اليوم"