"معاريف"إسرائيل تمرّ في سياقات تفكيك متسارعة وجذرية

14 مارس 2023 - 12:07
صوت فتح الإخباري:

بقلم: بن كسبيت

إسرائيل في سياقات تفكيك متسارعة. المفكك الرسمي هو بنيامين نتنياهو. مساعدوه النشطاء هم بن غفير وسموتريتش في المجال الأمني، لفين وروتمن في المجال القضائي - الاقتصادي. الحريديم هم كالمعتاد مصفو الأملاك. هم سيبيعون كل ما في متناول اليد بأي ثمن كي يملؤوا الصندوق، حتى حين تكون السفينة تغرق.
التفكيك سريع وجذري. تبين، أول من أمس، (نير دبوري، أخبار 12) أن الإمارات ستسحب يدها من استمرار الصفقات مع إسرائيل. السعودية، التي وعد نتنياهو بأن "يوسع معها دائرة السلام"، وسعتها مع إيران. وبدأت البحرين تدير كتفاً باردة. الأميركيون غير مستعدين لأن يسمعوا عن زيارة نتنياهو إلى واشنطن، وإلى أبو ظبي أيضاً لم يتلقَ دعوة قريبة.
التسونامي الاقتصادي بات هنا. لا يوجد يوم دون بشائر سيئة، ودون أعراض جديدة، ودون أكتاف باردة وأبواب تطرق. الشوارع تشتعل. ليس لرئيس الوزراء تحكم بمعظم وزرائه. "الإرهاب" لا يبدي مؤشرات خبو، وقبيل رمضان الساخن المرتقب يبذل بن غفير وسموتريتش كل جهد كي يسمموا الأجواء "على الحكومة أن تمحو حوارة"، وصب البنزين على النار. الفوضى باتت هنا.
يخيل أنه لا يوجد لغم تعتزم هذه الحكومة أن تتجاوزه. عصبة من الأشخاص غير المؤهلين في أفضل الأحوال، محبون مثبتون لإشعال النيران في الحالة الأقل جودة، هي المسؤولة اليوم عن أمننا، رفاهنا، اقتصادنا، وأساساً خرابنا. توجد عشرات النماذج ولكن أفضلها هو "قانون الحصانة" لضباط وجنود الجيش من إنتاج فوضوي يسمّى إيتمار بن غفير. لا يوجد خبير قانوني لا يعرف أن هذا القانون سيحقق النتيجة المعاكسة: سيكون هذا القانون "تسليماً" لمقاتلي وضباط الجيش الإسرائيلي وسلاح الجو إلى المحكمة الدولية في لاهاي.
لأجل ألا يفهم المرء هذا ينبغي له أن يكون رضيعاً أو فضائياً. منظومة القانون الإسرائيلية المستقلة، القوية والمقدرة، هي السترة الواقية الأهم التي تحمينا وتحمي مقاتلينا من تحقيقات دولية. هذا ليس ابتكاراً إسرائيلياً. هكذا هو الحال في العالم المتنور. إذا كان العالم يثق بجهاز القضاء المحلي، فإنه لا يتدخل. وإذا كان لا يثق به، إذا لم يكن مستقلاً، وإذا كان مصاباً بالسياسة، فإنه يتدخل بالفعل.
وبالفعل، قريباً سيتدخل، وهذا أيضاً لأن جهاز القضاء الإسرائيلي يوجد الآن في أيدي مقاولي هدم خبراء، وكذلك بسبب مشروع القانون الغبي حتى الرعب هذا. "أبحث في مجال أحكام القتال الدولية والقانون الجنائي الدولي منذ 15 سنة"، غرد البروفيسور إلياف ليبليخ، أول من أمس. لم يسبق لي أن رأيت أمراً غبياً مثل قانون الحصانة، الذي لا يثير فقط الحفيظة أخلاقياً وهو مرفوض قانونياً، بل أيضاً انتحار منظوماتي حقيقي. هم يتحدثون عن حوكمة، وهذا القانون هو مناهض للحوكمة... هذا قانون يدعي أنه سيجعل رجال الأمن لا "يخافون" من أن يقدموا إلى المحاكمة في زمن نشاط عملياتي من خلال إعطائهم حصانة جنائية. أولاً، لا يوجد خوف كهذا لأن الدولة لا تقدم إلى المحاكمة في أي مرة تقريباً. ثانياً، هو يتعارض وواجبات إسرائيل الدولية وتوصيات لجنة "تيركل" التي أقامها نتنياهو. ثالثاً، هو مساو في القيمة لنقل القضية الإسرائيلية مباشرة إلى لاهاي، لأن المحكمة الدولية تعمل بالضبط عندما لا تحقق الدولة بنفسها.
إن عصبة المنفلتين التي أودعنا في أيديها الحلم الصهيوني لا تترك حجراً واحداً لا تقلبه. هم يمرون على كل موضوع وموضوع، قطاع وقطاع، بالقلابات وبالجرافات. أول من أمس، نشرت قائمة 255 مستثمراً ورجل أعمال هم يهود أميركيون استثمروا مليارات في إسرائيل، بعثوا بكتاب لرئيس الوزراء يهددون فيه بوقف هذه الاستثمارات إذا ما استمر الانقلاب النظامي. يواصل المال الهروب من إسرائيل بسرعة، وبضخ متصاعد. شركات دولية نشطة هنا تعيد النظر في خطاها. إداراتها العليا التي تأتي للزيارة هنا تجتهد لأن تمتنع عن لقاءات رسمية مع ممثلي الحكومة. ذات مرة كان هذا شرفاً، أما اليوم فهو عار.
ولم نتحدث بعد عن الشرخ الاجتماعي المتعمق والاحتجاج المتصاعد في الجيش وأذرع الأمن الأخرى. لا، بخلاف صراخ الأبواق ليس هذا احتجاجاً نخبوياً. وهذه ليست فقط الحملات الخاصة وسلاح الجو. يدور الحديث عن الجميع؛ لقد بدأ هذا مع رجال المدرعات، وتواصل مع رجال الاحتياط، ويوجد احتجاج كبير للمدفعيين، وللمظليين، و"غولاني"، وكل وحدات النخبة، كل من تتصورون. نجح سلاح الجو في أن يمنع بياناً لمئات طياري الاحتياط الذين لم يخدموا بعد إجازة الإصلاحات. هذه كبحة مشروطة. كلما واصلت جرافات الثورة التقدم هكذا يتواصل التآكل. كلما واصل الروتمانيون والروتفيليون المهاجمة هكذا سيكون رد الفعل المضاد أكثر شدة.
المقلق من كل هذا هو الزعيم. ذات مرة كان نتنياهو منصتاً جداً لمزاج الجمهور، وحساساً للنقد، ومتأثراً بالضغوط والسياقات. تراجع عشرات المرات، تذبذب، ندم، واستعاد عقله وانسحب مرة أخرى. فقط لأنه كان يخيل له أن شيئاً ما هنا خطير. أما نتنياهو في هذه الأيام فهو شخص منقطع، غير مبال، ومغلق الحس. هو سيطير إلى رحلات من الاستمتاع العائلي في عواصم أوروبا، بينما يشتعل كل شيء يستهتر بكل التحذيرات والإنذارات حين ينهار كل شيء. هو ليس أهلاً.
 

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق