عن معرض الكتب.. والحب والأطفال أيضاً

19 سبتمبر 2023 - 11:48
زياد خدّاش
صوت فتح الإخباري:

كلما انتهى معرض الكتاب أصيح: آه ليت الحياة معرض كتب. عشرة أيام من الحب هزت اليباس الثقافي الفلسطيني، هل نحتاج إلى معرض كتاب دولي لينتعش الأدب ولنرى بعضنا البعض، في بلادنا المريضة بالآلهة؟ هذا ليس معرض كتب دولياً للكتاب في فلسطين فقط، هو معرض لحياة صحية، نرى فيها بعضنا البعض دون وسائط التواصل الوهمية، أجمل مواقف تحدث لي وتتكرر في معارض الكتب الفلسطينية: أصدقاء أدباء أو قراء يتقدمون إليَّ بصحبة أطفالهم: بدي عرّفكم على الأستاذ زياد، أسمعهم يقولون للأطفال، فيتسع قلبي ويصير بحجم الكون، أي سعادة! أي انتعاش هذا! ثم أبقى ساعات على أهبة الطيران، وأنا أحاول تثبيت نفسي في الأرض، لقد رأيت شعراء شباناً لم أعرفهم إلا في العالم الرقمي، جلسنا وشربنا القهوة وتحدثنا عن الكتب كثيراً والتعليم، فككت عشرين بلوكاً فيسبوكياً عن أصدقاء حدث بينهم وبيني سوء فهم قديم. نعم في معرض الكتاب يجلس التسامح معنا ومع الكتب، رأيت طلاباً لي صاروا في الجامعات أوتخرجوا منها، طلاباً لم أرهم بعد الصف الخامس الذي علمتهم فيه، رأيت مهيب برغوثي وهو يرقص بين الكتب، أليس هذا مشهداً خارقاً للعادة؟ قرأت الصورة بطريقة مختلفة، أنا أمام الشخص المناسب اللامكترث، وهو هنا يحقق لي رغبة متجددة، لا أستطيع تنفيذها بنفسي لأن مهيب يعرف أن أعماقي مشبعة بالصحو، مهيب قادر في لحظة على حرق ذاكرته ومحو كل الموجودين حوله، طيلة عمري أشعر برغبة في النوم أو الرقص في مكتبة، مهيب أشفى غليل عطش قديم لرؤية تمازج الجسد السائل مع أفكار الكتب المترامية الأفكار.
جلست مع ربعي المدهون، وفي كل مرة أجلس فيها مع ربعي أشعر بالإشباع الثقافي، يكتب ببطء، ولا يستعجل الضوء، صوته خافت، يحيط نفسه بسياج ضروري من العزلة، يحترم الروائيين وليست لديه هواجس مرضية تجاههم، كما الآخرين، قال لي همساً: أريد أن أتعرف إلى ذلك الروائي الذي كان يمر أمامنا. لم أغضب من طلاب المدارس وهم يطاردونني بصيحات: هاي آينشتاين آينشتاين، أحب هذا اللقب، الذي أرشق به كلما رآني تلاميذ في الشارع أو في مدرسة أزورها، في جناح دار المتوسط، جلست طويلاً، مع الأصدقاء الأدباء والشعراء: المتوكل طه ودالية طه وأحلام بشارات وغياث المدهون، ويوسف الشايب وبديعة الريماوي وخالد الناصري ومازن سعادة، وقّعت كتابي (الجراح تدل علينا) في جناح دار المتوسط، وأسوأ ما فيّ هو نسياني أحياناً اسم الصديقة أو الصديق التي تمد أو يمد لي كتابي لأوقّعه، حدث ذلك أكثر من مرة كان الصديق يخرج مع كتابي والاستغراب الممتعض باد عليه، ما مصير كتابي في حمى هذا المشهد؟؟ ولتفادي ذلك اتفقت مع صديقي الجميل صاحب دار الفينيق، مالك العالول، على طريقة ينقذني فيها، يسأل العالول فوراً الصديق أو الصديقة: باسم من الكتاب، عفواً؟ فالتقط الاسم وأسجله فوراً.
عشرة أيام من الحب والشعر والكتب وغزة والجمال، من ملامح جمالها المميز وجود شعراء غزة بيننا مرة أخرى، شعراء نحبهم ونتواصل معهم رقمياً، هم الآن بيننا بكامل سخطهم الجميل واستياءاتهم المشروعة من كل شيء وبلهجتهم وأحاديثهم وكتبهم التي لم تنشر بعد، والمدن التي يرغبون بشدة في زيارتها:
سليم النفار، ناصر رباح، عثمان حسين، محمد أبو كويك، أحمد عاشور، كفاح غصين، حيدر الغزالي، مريم قواش، كوثر حسين، وعايدة حسنين.
لماذا تطوعت مرة أخرى في جناح «دار المتوسط» يا ميس؟ لأن كتبها ملونة.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق